اقتصاديان: الجزائر ملزمة بإجراء إصلاحات عاجلة


رغم الوضع المالي المريح للجزائر، فإن اقتصاديين يؤكدون أن البلد ملزمة بإقرار إصلاحات اقتصادية مستعجلة تفاديا لأي صدمة محتملة في حال تراجع أسعار البترول. ويأتي ذلك بعد تحذير بنك الجزائر (المركزي) -في آخر تقرير له حول التوجهات المالية والنقدية للجزائر خلال الربع الأول من العام- من إمكانية تعرض البلاد لهزات اقتصادية في حال تراجع أسعار النفط، رغم امتلاكها لاحتياطي نقدي ومعدلات صرف مرتفعة ومرنة، ووضع مالي خارجي متين.

وأشار التقرير إلى تراجع الحساب الجاري للميزان التجاري الخارجي بما قيمته 470 مليون دولار، متأثرا بتراجع عائدات الصادرات من النفط والغاز إلى 1.84 مليار دولار. وتحدث عن تراجع عائدات صندوق ضبط إيرادات المحروقات إلى 4.773 تريليونات دينار (60 مليار دولار) بنهاية الربع الأول من العام مقابل 5.238 تريليونات دينار (65 مليار دولار) نهاية العام الماضي.

بالمقابل، لفت التقرير إلى ارتفاع السيولة البنكية إلى ما يقارب ثلاثة تريليونات دينار (37 مليار دولار) بعد أن كانت في حدود 2.865 تريليون دينار (36 مليار دولار). وأضاف المركزي أن معدلات التضخم مستمرة في التراجع، لتصل النسبة إلى أدنى مستوياتها بالربع الأول من العام، وبلغت 1.9% مقابل 2.27% بالفترة نفسها من 2013.

 التوازنات الكبرى
ويرى المفوض العام السابق للبنوك الجزائرية عبد الرحمن بوخالفة أن تقرير المركزي يكشف عن وضع مريح للجزائر فيما يخص التوازنات الكبرى للاقتصاد، رغم وجود تذبذب لإيرادات النفط من ناحية كمية الإنتاج، وليس انخفاض الأسعار.

ولفت بوخالفة -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن الواردات سجلت تراجعا ملحوظا بالربع الأول، وهو أمر إيجابي على حد تعبيره، وبالمقابل يؤكد أن الاحتياطي من النقد الأجنبي حافظ على استقراره لتبلغ قيمته 195 مليار دولار، ويتم توظيفه على شكل سندات سيادية جلبت فائدة للاقتصاد الجزائري بنسبة تقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار كمردود لتوظيفاتها المختلفة.

ورغم أن التقرير في عمومه يؤكد صلابة الوضع المالي للجزائر، فإن بوخالفة يعيب على المركزي عدم التطرق للتوازنات الجزئية المتعلقة بحركية وتنافسية المؤسسات الجزائرية، وهو ما لا يبعث على الارتياح كما هو الأمر بالنسبة للوضع المالي لأن التوازنات الجزئية ما تزال تعاني من عراقيل عديدة.

وضع العملة
ومع أن بنك الجزائر أكد استقرارا نسبيا للتسعيرة الخارجية للدينار الجزائري، فإن بوخالفة أشار إلى وجود مشاكل تتعلق بمصداقية العملة المحلية، ويضيف أن من الأشياء المربكة للاقتصاد المحلي وجود قيمتين للدينار إحداهما رسمية والأخرى موازية (السوق السوداء).

من جانبه، يرى الاقتصادي بريش عبد الوهاب أن الوضع المالي الجيد لن يستمر على المدى البعيد، أو ربما على المدى المتوسط، مشيرا إلى أن الجزائر ستبقى في السنوات الثلاث المقبلة بعيدة عن أي هزات اقتصادية وفق تقديرات بنك الجزائر، وذلك لقدرتها على الوفاء بالتزاماتها الخارجية.


ولكن على المدى القريب، أي بحدود السنوات الخمس المقبلة، لن يكون بمقدور البلاد الاستمرار في الاعتماد بنسبة 98% على عائدات النفط ومشتقاته، ووفق عبد الوهاب فإن هشاشة اقتصاد الجزائر ليست مرتبطة باحتمال اللجوء للاستدانة الخارجية بعد سنة أو اثنتين، ولكن الخطر الذي يهدد الاقتصاد هو أنه يستمد صلابته حاليا من مصدر تمويل واحد وهو النفط.

مصادر الدخل
ويشدد عبد الوهاب على ضرورة لجوء بلاده سريعا إلى تنويع مصادر دخلها، وإيجاد بدائل جديدة مثل قطاع الخدمات، لكن هذه العملية رغم أهميتها تسير ببطء شديد جدا.

في حين يقترح بوخالفة البدء سريعا في تنفيذ إصلاحات من الجيل الثاني، وهي الإصلاحات التي يقول إنها صعبة اجتماعياً ومربكة اقتصادياً لكنها ضرورية، لأنه من الأفضل للجزائر -يضيف المتحدث- أن تباشر هذه الإصلاحات وهي في دعة مالية، على أن تجبر على تطبيقها في السنوات القادمة في ظل وضع مالي غير مريح، لأنها ستكون من الدول التي سيفرض عليها أن تغير توجهها الاقتصادي بتعويض النفط بصفته مصدر دخل بمصادر بديلة.

المصدر : الجزيرة
هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة توين 2018