تعويم الجنيه السوداني - مدونة توين






التعويم هو ترك سعر صرف عملة ما ليتحدد وفقا لعوامل العرض والطلب في سوق العملات بهدف محاربة التضخم باستقرار سعرها عند نسبة يمكن تثبيتها لضمان تحسين قوتها الشرائية أو بهدف انعاش الصادر وجزب الاستثمارات . لضمان نجاح هذه الخطوة يجب ان تتوفر معطيات اقتصادية تتعلق بالسياسات المالية والنقدية المتبعة ومدي مقدرة الدولة على التحكم في سوق المال وحركة الوارد والصادر . بغياب الشروط المطلوبة يأتي تعويم سعر الصرف بنتائج سالبة على العملة اولا ثم على الاقتصاد بشكل عام . التعويم المطلق وهو يعني عدم تدخل الدولة يشكل مباشر لكي لا ينعكس تأثيره سلبا على قيمة العملة وعلى الاقتصاد بشكل كامل يستوجب امساك الدولة وقدرتها على التحكم في حركة الاقتصاد من معدلات نمو ميزان المدفوعات وتدفق الاموال الاستثمارية وهو ما ينعدم تماما في ظل السياسات الاقتصادية المتخبطة والحروب الاهلية التي ينعدم معها أي معني للاستقرار السياسي . شرط اخر هو ان تكون الدولة ممسكة بزمام الامور في حركة السوق النقدية ومؤثرة في حركتي العرض والطلب فبالتعويم المطلق تستخدم الدول وهي غالبا ما تكون ذات اقتصاد قوي . هذا مثال لقياس قدرة هذه الدول على التحكم في الواردات والتأثير الكمي في حجمها فتعويم سعر صرف الجنيه السوداني والذي في الحالة الراهنة للاقتصاد سيؤدي حتما الي تخفيض وتعود بالضرر لقطاع الوارد حيث ترتفع أسعار السلع المستوردة بسبب الزيادة في سعر صرف الجنيه امام الدولار . تخلف السودان وهو الغني بالمقومات الطبيعية للزراعة والرعي بعيدا عن الثورة الزراعية الحديثة والتي انتظمت العالم لمواجهة الحاجة المتزايدة للغذاء ومواجهة النمو السريع للسكان العالم و اعتمدت على التقدم التقني والالي والطرق العلمية في الانتاج والتي تمكن من انتاج اوفر وبتكاليف اقل . على العكس من ذلك فقد دمر القطاع الزراعي وفقد الاقتصاد أهم مقوماته الحيوية , كذلك ارتفعت تكلفة استيراد مدخلات الانتاج فانعكس هذا على اسعار المنتجات  المحلية وتضاعف حجم معاناة المواطن من غلاء الاسعار , الاعتماد على الاستيراد بشكل اساسي مع التخلف في قطاع التصدير واهمال البنية الاساسية للإنتاج نتج عنه عجز في الميزان التجاري وأن عملية تعويم العملة أو خفضها لا تكون ذات عائد ايجابي الا اذا كانت تستهدف قطاع الصادرات لتشجيع الصادر وتعزيز الفائض في الميزان التجاري . تتجه الدول التي يكون فيها الطلب على صادراتها قويا اصالي تعويم سعر الصرف بضمانة قوة الطلب على صادرتها فيحدث هذا اثار ايجابية في قطاع التصدير وينعكس هذا على الاقتصاد بشكل عام . السلبية الأساسية الثانية هي الاعتماد على تصدير المواد الغذائية أو الخام وهو الخطأ الذي تقع فيه كل بلدان العالم الثالث والمستفيد الوحيد هو الدول الرأسمالية التي تستورد هذا الخام لتعيد تصديره لهذه الدول كمواد مصنعة لتذيدها فقرا . والمخرج الوحيد من هذه المعادلة هو الاتجاه لتطوير عوامل الانتاج من تكنلوجيا واستثمار في الطاقات البشرية في الدول النامية . يمكن لسياسة تعويم سعر صرف العملة المحلية أن تشكل ايجابية جذب الاستثمار الخارجي وهو قطاع يحتاجه الاقتصاد وبشكل ملح والاستثمارات قد تساعد في تحسين ميزان المدفوعات وتمويل عجز الميزانية , لكن عدم الاستقرار السياسي والمنعكس على الاداء الاقتصادي للبلد يشكل عاملا منفرا لدخول رؤوس الاموال , هذا يقود للحديث عن الاثار السالبة للتعويم على ميزان المدفوعات والذي يعاني منه أصلا من عجز بسبب العجز في الميزان التجاري . تعويم وتخفيض سعر الجنيه يفاقم من العجز في ميزان المدفوعات لأنه يتسبب في تضخم حجم الديون , ثم ان التعويم سيؤدي الي تكلفة قيمة فوائد القروض . وبهذا يتضاعف الخلل في ميزان المدفوعات , وان التعويم المطلق لا تحدده قيود وقد يستمر الجنيه في الانخفاض حتي يتجاوز قيمته الحقيقية . والكارثة المؤكدة هي تفاقم العجز في الموازنة العامة بسبب ارتفاع النسية التي ستقتطع من الدخل القومي للصرف على الواردات . ما الذي يدفع بلد لتعويم سعر صرف عملته وهو يعاني من عجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات ويعاني في الوقت نفسه من اضمحلال في قطاع الصادر وهو القطاع الوحيد الذي يمكن أن يعين تعويم سعر الصرف كي يفي بغرض تقليص التضخم وتحسين القدرة الشرائية للعملة , اذ أن تعويم سعر الصرف يأتي غالبا علي قمة الوصفات التي تمليها هذه المؤسسات لجر الاقتصاد والسير به في طريق الالتزام التام باليات السوق المفتوحة , وهي كارثة على اقتصاد السودان .




هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة توين 2018